أنت هنا

اللقاح الموعود لفيروس كورونا الجديد.. لماذا يستغرق تطويره وقتاً، وكيف يتم ذلك؟

اللقاح الموعود لفيروس كورونا الجديد.. لماذا يستغرق تطويره وقتاً، وكيف يتم ذلك؟

اللقاحُ أو التطعيم vaccine هو مادةٌ بيولوجية تُعطى للشخص السليم بهدف منحه مناعةً ضد عدوى مُعيّنة، بكتيرية كانت أم فيروسية. يحتوي اللقاح عادةً على عوامل ممرضة ميتة أو مُضعفة أو عوامل شبيهة بالعوامل الممرضة، أو أجزاء من العامل الممرض مثل بروتيناته السطحية، أو ذيفاناته. يؤدي إعطاءُ اللقاح إلى تحفيز الجهاز المناعي للجسم للتعرّف إلى العامل الممرض وتكوين مناعة ضدّه، وهو ما يساعد على القضاء على هذا العامل الممرض في حال العدوى به مستقبلًا.

ويختلف اللقاحُ عن العلاج؛ فاللقاحُ يُعطى قبل الإصابة بالمرض بهدف تجنّب العدوى، أمّا العلاج فيُعطى بعد الإصابة بالعدوى بهدف القضاء عليها.

لقاح فيروس كورونا الجديد (سارس-كوف-2):

ومع انتشار وباء فيروس كورونا المستجدّ (كوفيد-19) اتجهت أنظارُ العالم الأجمع إلى المختبرات العلمية المسؤولة عن تطوير اللقاحات، والتي بدأت بالتسابق نحو تطوير اللقاح الموعود حتى بلغت أعدادُ اللقاحات التي يعمل الباحثون على تطويرها في مختلف أنحاء العالم أكثر من 30 لقاحًا؛ إلا أن التساؤلَ الأكبر كان: متى سيفرغ الباحثون من تطوير اللقاح لهذا الفيروس الجديد، ويُصبح بالإمكان استخدامه للوقاية من عدواه؟

تستغرق عمليةُ تطوير لقاح لعامل ممرض جديد فترة تتراوح عادةً بين 2-5 سنوات؛ ولكن مع تكثيف الجهود حول العالم للتصدي لفيروس كورونا المستجدّ، فمن المتوقّع أن تكون الفترة أقلّ من ذلك؛ حيث صرّحت منظمة الصحة العالمية في أواخر شهر فبراير المنصرم بأن تطويرَ لقاح مُعتمَد لفيروس كورونا المستجدّ (واسمه العلمي سارس-كوف-2) سيستغرق غالبًا فترة لا تقلّ عن 18 شهرًا.

جانب من الجهود المبذولة لتطوير لقاح لفيروس كورونا الجديد:

بدأت عملية تطوير اللقاح الجديد للفيروس بإعلان الصين في شهر يناير الماضي عن اكتشافها لكامل السلسلة الوراثية لفيروس كورونا الجديد، ومشاركة بياناته مع جميع المراكز البحثية حول العالم. وبعد ذلك، بدأت العديد من المراكز البحثية العالمية، ومنها مركزُ الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية، بدراسة النسخ المحلية التي جرى اكتشافها من الفيروس ومطابقتها مع النتائج التي أعلنتها الصين، وذلك بهدف التأكّد من خصائص الفيروس وبنيته وتتبّع انتشاره عبر عدة مناطق جغرافية من العالم، والمشاركة في جهود تطوير لقاح له؛ إذ لا يمكن لمؤسسة علمية واحدة أن تكون قادرة على تطوير لقاح لعامل ممرض دون تعاون مع العديد من المؤسسات والمراكز البحثية حول العالم.

وفي نفس الصدد، أعلنت حكومةُ الولايات المتحدة الأمريكية وعدة جامعات ومؤسسات تقنية ضخمة بأنها سخرت الموارد لاستخدام الحواسب العملاقة من شركة IBM، بالإضافة إلى خدمات الحوسبة السَّحابية التي توفرها كل من شركات أمازون ومايكروسوفت وجوجل بهدف خلق بيئة حوسبية عالية الكفاءة قادرة على التنبّؤ بانتشار المرض، وتطوير لقاحات محتملة للفيروس، وتحرّي آلاف المركبات الكيميائية المرشحة لأن تكون علاجًا للعدوى التي يُسببها (داء كوفيد-19).

خطوات تطوير لقاح لعامل ممرض جديد (فيروس أو بكتيريا):

1.      الخطوة الأولى: اكتشاف البنية الجزيئية للعامل الممرض، وسلسلته الوراثية، وبروتيناته السطحية. وهو ما جرى فعلًا في حالة فيروس كورونا المستجدّ (سارس-كوف-2).

2.      الخطوة الثانية: تصميم نموذج حيواني تسهل دراستُه أو يتشابه بدرجة ما مع الإنسان، كما في الفئران أو الخنازير أو غيرها، وذلك بهدف فهم سلوك وخصائص العامل الممرض في جسم الـمُضيف (الإنسان).

3.      الخطوة الثالثة: التحقّق من أمان اللقاح وفعاليته، وأنه يُحفّز الجزء المطلوب من الجهاز المناعي دون إلحاق أي ضرر بالجسم، وهنا لابدّ من إجراء تجارب ما قبل سريرية على الحيوانات باستخدام النموذج الحيواني الذي جرى تطويره سابقًا.

4.      الخطوة الرابعة: إجراء تجارب سريرية على البشر لتحرّي فعالية اللقاح وتأثيراته الجانبية. وفي حالة فيروس كورونا الجديد، فقد تُجرى هذه التجارب في مناطق انتشار العدوى، وإن كانت ستجرى في البداية على عدد محدود من المرضى فقط.

5.      الخطوة الخامسة: الحصول على الموافقات واجتياز الخطوات التنظيمية والمالية التي تهدف إلى توفير اللقاح على نطاق واسع وبسعر معقول.

وبعدَ توزيع اللقاح، تستمرّ الدراسات السريرية لتحري تأثيراته على المدى البعيد، وما إذا كان استخدامه ينطوي على أية أضرار أو مضاعفات لم تتمكّن الدراسات السريرية قصيرة المدى اكتشافها.

ومن الجدير ذكره بأن كلّ مرحلة من المراحل السابقة قد تنطوي على تحديات قد تعيق أو تؤخر تنفيذها.

ختاماً نقول:

مما سلف ذكره نرى أن عمليةَ تطوير اللقاح هي عملية معقّدة وطويلة، وتستلزم تضافرَ الجهود وتكثيفها، وإن أي استعجال أو اختصار للمراحل قد ينطوي على مخاطر كبيرة. وبذلك، فإنّ الإجراء الأفضل مع فيروس كورونا المستجدّ هو تجنّب العدوى به أساسًا، وذلك من خلال اتباع توصيات الجهات الصحية والمسؤولة في كل بلد، والتي تؤكد جميعها على ضرورة الالتزام بالنظافة العامة، وغسل اليدين بالماء والصابون بشكل متكرر، وتجنب لمس الوجه، وتجنب التجمعات ومخالطة الآخرين، والحجر الذاتي عند ظهور أعراض المرض بالإضافة إلى تبليغ الجهات الصحية عن ذلك.

 

إعداد الفريق العلمي في موسوعة الملك عبد الله العربية للمحتوى الصحي

 

 

قيم هذا المحتوى
QR Code for https://hospital.psau.edu.sa/ar/news/1-730